كان تأهيل النّبي عليه الصّلاة والسّلام لتبليغ الدعوة أمرا مرتبطا بالوحي الإلهي، وكان يتأثر في مبدأ الوحي إليه بثقل الوحي، ويبادر إلى التّزمل (التغطي أو التلفف بثيابه) والتدثّر (بالثياب أو بقطيفة) حتى يزول عنه آثار التعرّق، مما أدى إلى أنه انقطع عنه الوحي فترة، ثم عاد إليه على شوق وحرص ومحبة إليه، وذلك من أجل سكن نفسه، وهدأة روعه.
أخرج الشيخان عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: جاورت بحرّاء شهرا، فلما قضيت جواري، نزلت، فاستنبطت الوادي، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحرّاء، فرجعت، فقلت: دثّروني، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (?) .
وهذه أوائل سورة المدثّر المكّية بإجماع أهل التأويل، وهي التي نزلت بعد سورة العلق: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (?) بنص حديث البخاري المذكور، وهو الأصح:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (?) قُمْ فَأَنْذِرْ (?) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (?) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (?)
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (?) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)
عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)
«1» «2» «3» «4» «5» [المدّثّر: 74/ 1- 10] .