خلق الله تعالى هذا العالم ليكون كبقية الآيات الكونية دليلا على وجود الله سبحانه، وعلى اتصافه بصفات القدرة المتناهية والحكمة العالية والإتقان الباهر، والإبداع الذي لا نظير له.
ومن حكمته تعالى أنه جعل العالم بمثابة الأسرة الواحدة، المترابطة العناصر، المتعاونة فيما بينها، المتحابة المتوادة بين أفرادها. يحب كل إنسان أخاه، ويريد الخير له، فالإنسان أخو الإنسان أحب أم كره، لأن المعيشة واحدة، والهدف والمقصد واحد، والمصير المحتوم هو واحد أيضا حينما ينتهي هذا العالم، ويعود لعالم آخر للحساب والجزاء، وتحقيق العدل والإنصاف التام بين البشر.
والقرآن الكريم نص صراحة على وحدة الإنسانية، ووحدة الأسرة، ووحدة الأخوة الإيمانية بين المؤمنين بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر. أما الوحدة الإنسانية التي تجعل البشرية بمثابة الجسد الواحد والنفس الواحدة فقد جاء الإعلان عنها في مطلع سورة النساء المدنية النزول، إذ يقول الله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (?)
«1» «2» «3» [النساء: 4/ 1] .