لقد لقي نوح عليه السّلام من قومه على مدى قرابة ألف سنة ما لم يلقه أحد من الأنبياء، حيث إنهم كذّبوه وآذوه، وأعرضوا إلا قليلا جدّا عن دعوته إلى توحيد الله، وهجر عبادة الأصنام البدائية، واشتطوا في فرارهم منه، على الرغم من وعدهم بالرّخاء وتوالي النّعم المادية المتنوعة في الأموال والأولاد، ناسين مراحل خلقهم، وتدرج الخلق، حتى صاروا قوما أشداء، كما توضح الآيات الآتية في مطلع سورة نوح المكّية بالإجماع:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (?) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (?) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (?) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (?)
قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (?) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (?) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (?) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (?) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (9)
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (12) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (14)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» [نوح: 71/ 1- 14] .