وأوصاف ذلك اليوم يوم القيامة: أن السماء تصير كمائع الزيت أو المعادن المذابة، وتكون الجبال كالصوف المنفوش أو المندوف إذا طيّرته الريح، ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه أو حاله في ذلك اليوم، وهو يراه في أسوأ الأحوال، فتشغله نفسه عن غيره.
ويبصّر أو يرى كل صديق صديقه، ويعرّف به، لا يخفى منهم أحد عن أحد، دون أن يكلم بعضهم بعضا، ويتمنّى الكافر وكل مذنب ذنبا يستحقّ به النار: أن يفتدي نفسه من عذاب يوم القيامة الذي نزل به، بأعزّ ما لديه، من المال والبنين، والزوجة، والإخوة والأخوات، والعشيرة أو الرّهط والقرابة الأدنين، كبني هاشم مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وكل من في الأرض جميعهم من الثّقلين: الإنس والجنّ وغيرهما من الخلائق، ثم ينجيه من هذا الفداء، الذي تضمنه قوله: لَوْ يَفْتَدِي فهو كالمتقدم الذّكر. فالفاعل لقوله: يُنْجِيهِ هو الفداء، أي لا نجاة.
ثم أكّد الله تعالى رفض قبول الفداء بقوله: كَلَّا للردع والزجر، فهي ردّ لقولهم وما ودّوه، أي ليس الأمر كذلك. فلا يقبل الفداء من المجرم، إنها جهنم الشديدة الحرّ مأواه، التي تنزع اللحم عن العظم، والأعضاء عن مفاصلها، وجلدة الرأس عنه، ثم يعود كما كان. وتنادي جهنم الكفار وهم كل من أدبر عن الحق والإيمان في الدنيا، وتولى عنه، وجمع المال فجعله في وعاء، فلم ينفق منه شيئا في سبيل الخير، ومنع حق الله فيه، من الواجب عليه من النفقات وإخراج الزكاة.
وقوله: فَأَوْعى أي جعله في الأوعية. وهذا إشارة إلى كفار أغبياء جعلوا جمع المال جلّ همهم ومقصد حياتهم، فجمعوه من غير حلّ، ومنعوه من حقوق الله تعالى.
ودعاء جهنم لأهلها إما حقيقة، تدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، كما قال ابن