الإنسان من مصائب ورزايا، ومن خير أو شرّ فهو بإذن الله تعالى، أي بعلمه وإرادته وتمكينه الوقوع، بحسب الحكمة الإلهية، وما على الإنسان إلا العمل بأمر الله، واجتناب ما نهى عنه، لأن الأمر الإلهي غير الإرادة.
ومن يصدق بالله، ويعلم أن ما أصابه من مصيبة أو شرّ أو خير، يهد الله قلبه للرّضا والصبر والثبات على الإيمان، والله واسع العلم، لا تخفى عليه من ذلك خافية. وبعبارة أخرى: من آمن بالله تعالى، وعرف أن كل شيء بقضاء الله وقدره وعلمه، هانت عليه مصيبته، وسلّم الأمر لله تعالى.
ثم أمر الله تعالى بالطاعة، أي أيها الناس اشتغلوا بطاعة الله فيما شرع، وبطاعة رسوله فيما بلّغ، وافعلوا ما به أمر، واتركوا كل ما نهى عنه وزجر، فإن أعرضتم عن الطاعة، وتنكبتم طريق العمل، فإثمكم على أنفسكم، وليس على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا التبليغ الواضح. قال الزّهري: من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم. والآية وعيد وتبرئة لمحمد صلّى الله عليه وسلّم إذا بلّغ.
والله هو الإله الواحد الذي لا إله غيره، ولا ربّ سواه، وهو المستحقّ للعبودية والعبادة دون غيره، فوحدوا الله وأخلصوا العمل له، ولا تشركوا به شيئا، وتوكّلوا عليه، أي فوّضوا أموركم إليه، واعتمدوا عليه، لا على غيره. وهذا تحريض للمؤمنين على مكافحة الكفار ومجاهدتهم والصبر على دين الله تعالى، وإرشاد إلى وجوب الاعتماد في كل شيء على الله، وطلب العون الدائم منه، فهو حسبنا ونعم الوكيل.
إن هذه الإرشادات الإلهية ترشد إلى الصواب في الأمور، وتدلّ على فلسفة الأحداث، وتعلّقها بالإرادة الإلهية، وبالعلم الرّباني، وبالحكمة السّرمدية، فكل ذلك مرتبط بعلم الله تعالى الشامل لكل شيء، ويجب على العبد المؤمن الرّضا