وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ.. أي وبادروا إلى الإنفاق من بعض ما رزقناكم، في سبيل الخير العام، شكرا على النعمة، ورحمة بالفقراء، ورعاية للمصلحة العامة العليا، من قبل مجيء أسباب الموت ومشاهدة علاماته، فيقول الواحد منكم: هلا أمهلتني يا ربّ، وأخّرت موتي إلى مدة أخرى قصيرة، فأتصدّق بمالي، وأكن من الصالحين المستقيمين. وهذا دليل على أن كل مفرّط أو مقصّر في عمل الخير يندم عند الاحتضار.
وقوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ.. الأظهر أنه عام في كل مفروض ومندوب.
وكذا قوله: مِنَ الصَّالِحِينَ ظاهره العموم. وقوله تعالى: يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أي علاماته وأوائل أمره. وقوله لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ مطالبة بالعودة إلى الدنيا والإمهال.
ولن يؤخر الله تعالى أي نفس عن الموت أو قبض الروح إذا حضر أجلها، وانقضى عمرها، والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، فهو مجازيكم عليها، بالخير خيرا، وبالشّرّ شرّا. وهذا حضّ على المبادرة لعمل الخير، ومسابقة الأجل بالعمل الصالح.
إن النّدم من أي إنسان على التفريط وطلب العودة إلى الدنيا لتدارك التقصير عما فاته، لا يفيد الإنسان شيئا، فلات ساعة مندم، فقد تم القضاء، ونفذ الأمر، ولا أمل في النجاة إلا بالعمل الصالح.