الأعمال الصالحة التي تنفعهم في المعاد، وتنجيهم من العذاب، أولئك هم التاركون حقوق الله، الخارجون عن حدود الله وطاعته.
ولا مساواة بين المحسنين والمسيئين، فلا يستوي مستحقّو النار، ومستحقّو الجنّة في حكم الله تعالى في الفضل والمنزلة، أصحاب الجنّة هم الناجون، الظافرون بكل مطلوب. وهذا ترغيب في العمل للجنة، وترهيب من العمل للنار. وهذه الآيات الثلاث كلها لتأكيد الأمر بالتقوى وطاعة الله تعالى.
وللقرآن عظمته البالغة ومواعظه المؤثرة، فلو أنزلنا هذا القرآن على جبل من الجبال، لرأيته مع كونه بالغ الصلابة، في غاية الخشوع والخضوع والانقياد لأمر الله، يكاد يتشقّق من خوف الله وخشية عذابه، وهذه الأمثال المذكورة نضربها للناس جميعا، لعلهم يتفكرون فيما يجب عليهم التفكّر فيه، ويتّعظوا بالمواعظ. وهذه موعظة بالغة للإنسان، وذمّ لأخلاقه في غفلته وإعراضه عن داعية الله تعالى، مع وجود الأوصاف لله التي توجب لمخلوقاته هذه الخشية.
ولقد عظم القرآن الكريم بعظمة صفات منزله، فالله هو الإله الواحد الذي لا إله غيره، ولا ربّ سواه، عالم بكل ما غاب عن الأحاسيس، وبكل ما هو مشاهد محسوس، وهو ذو الرحمة الشاملة الواسعة، المنعم بجلائل النّعم ودقائقها.
والغيب: ما غاب عن المخلوقين ومنه الآخرة. والشهادة: ما شهدوه، ومنه الدنيا.
هو الله الواحد الأحد، وكرّر ذلك للتأكيد والتقرير، والمالك لجميع الأشياء، المتصرّف فيها على وجه التمام والكمال، الطاهر من كل عيب أو نقص، الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله، السالم من أي نقص وعيب ومن أي جور، أي ذو السّلام، المصدق أنبياءه فيما بلّغوا، والمصدّق المؤمنين في أنهم آمنوا، المهيمن، أي الرقيب الحافظ لكل شيء، الأمين عليه، القوي الغالب، ذو العزّة والجبروت فلا يدانيه شيء