برسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم، يعطكم الله نصيبين أو ضعفين من رحمته، بسبب اكتمال إيمانكم، ويزيدكم على ذلك أنه يجعل لكم نورا تمشون به على الصراط، تهتدون به في الآخرة، ويغفر لكم ذنوبكم، والله واسع المغفرة والرحمة.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: لما نزلت: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا [القصص: 28/ 54] فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: لنا أجران، ولكم أجر، فاشتد ذلك على الصحابة، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ.. الآية، فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب، وزادهم النور.
ثم ردّ الله تعالى على اليهود الذين زعموا اختصاص النّبوة فيهم، فقال: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ.. أي اتّقوا الله وآمنوا، يؤتكم الأمور الثلاثة المتقدمة (وهي مضاعفة الأجر، وإيتاء النور، وغفران الذنوب) ليعلم ويتحقق الذين لم يتقوا ولا آمنوا من أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على ردّ ما أعطى الله لرسوله، ولا إعطاء ما منع عنه، وهم عاجزون من أن ينالوا شيئا من فضل الله الذي تفضّل به على المستحقين له، كالنّبوة والرسالة وغيرهما، وأن الفضل محصور بيد الله، ومنه النّبوة والعلم والتقوى، يعطيه من يشاء، والله واسع الفضل، كثير العطاء والخير لمن يشاء من عباده. والمراد: أن إيمان أهل الكتاب بكتابهم ورسولهم لا يكفي، ما لم يؤمنوا بالنّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم.
أخرج ابن جرير عن قتادة قال: بلغنا أنه لما نزلت: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ حسد أهل الكتاب المسلمين عليها، فأنزل الله: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ الآية.