آية الشهداء هذه تحث المؤمنين على الجهاد ونصر الإسلام وإعلاء كلمة الله، وترغب في الاستشهاد في سبيل الله، لأن للشهداء مكانة عالية عند ربهم، فهم أحياء عند ربهم حياة من نوع خاص، في عالم الغيب، يمددهم الله برزق من الجنة،
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه الإمام أحمد وغيره عن ابن عباس: «أرواح الشهداء على نهر بباب الجنة يقال له بارق، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا» .
هؤلاء الشهداء فرحون بما رأوه من نعيم واسع وفضل كبير وإكرام جليل من الله، وهم مسرورون بإخوانهم المجاهدين الذين يتبعونهم على درب الجهاد والاستشهاد، لما شاهدوه من الجزاء العظيم لهم: وهو حياة أبدية ونعيم دائم، لا خوف عليهم من مكروه، ولا حزن على ما فاتهم في الدنيا، وهم يستبشرون بما يتجدد لهم من نعمة الحياة عند ربهم، ورزقه لهم، وحفظ ثوابهم العظيم.
والمجاهدون الذين يحظون بشرف الشهادة هم المؤمنون الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم الألم الشديد والجراح في غزوة أحد، فلبوا نداء الرسول صلّى الله عليه وسلّم حينما طلبهم فورا بعد أحد للقاء أبي سفيان في غزوة حمراء الأسد، للذين أحسنوا منهم العمل واتقوا ربهم وخافوا عقابه لهم أجر عظيم يتناسب مع جهادهم وتضحياتهم.
وهم الذين قال لهم بعض الناس (نعيم بن مسعود) : إن الناس وهم قريش قد جمعوا جموعهم فاخشوهم ولا تخرجوا إليهم، وذلك في غزوة بدر الصغرى، فزادهم قول الناس المثبّطين إيمانا بالله وثقة به ويقينا في دينه، فخافوا الله، ولم يخافوا الناس، واعتمدوا على نصره وعونه قائلين: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. أي كافينا الله وهو نعم الناصر المتولي أمورنا، وهذه الكلمة هي التي قالها إبراهيم الخليل حينما ألقي في النار، وقالها النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم حين قال الناس: إن الناس قد جمعوا لكم. ولما