إن النفاق مرض عضال يضرّ بالأمة والمجتمع، كما يضرّ بأهله الذين كانوا أغبياء أو حمقى أو ضعيفي نظر ووعي. ولقد عانى المسلمون في الصدر الأول من هذا المرض وأهله الذين كانوا شوكة للطعن من الخلف، لولا تأييد الله ونصره وإحباط مكائدهم.
لا تكفي المقارنة الوصفية أحيانا بين الأشياء والأحوال المتضادّة، مثل وصف جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين، لذا كان المولى يتعهد أهل الإيمان بمزيد من التوجيه والنصح والإرشاد والتربية الفاضلة، ليكونوا دائما عنوانا مشرّفا على رسالة الإسلام العظيمة، رسالة الخير والإنقاذ والنجاة للبشرية جمعاء. ومن هذا التوجيه القرآني للمؤمنين: حثّ المؤمنين على ملازمة الخشوع وخشية القلب لمواعظ الله تعالى، وتحذيرهم من التشبه ببعض قساة القلوب الذين قطعوا صلتهم بأنبيائهم، وأهملوا أوامر دينهم ونواهيه، كما يتبين في هذه الآيات:
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (19)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [الحديد: 57/ 16- 19] .