الصالحة والسيئة، والدعوات والأبخرة المتصاعدة ونحوها، والله معكم أيها العباد بقدرته وعلمه، وإحاطته وهدايته، أينما كنتم في البر والبحر والجو، والله رقيب عليكم، بصير بأعمالكم، لا يخفى عليه شيء منها.
والله مالك السماوات والأرض، والدنيا والآخرة، وترجع إليه جميع الأمور، وهذا خبر يعمّ جميع الموجودات. وقوله: لَهُ مُلْكُ مكرر مع الآية السابقة للتأكيد.
والأمور ليست جمع المصدر، بل هي جميع الموجودات، لأن الأمر والشيء والموجود أسماء شائعة في جميع الموجودات أعراضها وجواهرها.
والله المتصرّف في الخلق، يقلّب الليل والنهار، ويقدرهما بحكمته كما يشاء، فتارة يطول الليل، ويقصر النهار، وتارة على العكس، وتارة يجعلهما معتدلين متساويين، وتتوالى الفصول الأربعة، بحكمته وتقديره لما يريده بخلقه، وهو سبحانه يعلم السرائر وضمائر الصدور ومكنوناتها، وإن خفيت، لا يخفى عليه من ذلك خافية، سواء الظاهر منها والباطن. وقوله تعالى: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ تنبيه على العبرة فيما يتفاوت فيه الليل والنهار من الطول والقصر، وذلك متشعب مختلف حسب اختلاف الأقطار والأزمان الأربعة، وذلك بحر من بحار الفكر والتأمل لمن يتأمله.
ويُولِجُ معناه: يدخل، وبِذاتِ الصُّدُورِ ما فيها من الأسرار والمعتقدات، وذلك أغمض ما يكون. وهذا كله حثّ على التأمّل في ملكوت الله، وعلى الشكر على ما أنعم الله، وعلى وجوب تنزيه الله عن كل ما لا يليق بالله.
والخلاصة: هذه الآيات إخبار بتسبيح الله من كل شيء، وبيان موجبات التسبيح وأسبابه، فما أعظم التأمل بالخالق الموجود، وبالكون المخلوق الدّال على الخالق، وما أسعد الإنسان الذي يفكّر في هذا الوجود ليستدلّ به على الرّب المعبود!!