تعالى: كُلُّ مَنْ. وقوله وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ الوجه: عبارة عن الذات، لأن العضو منفي عن الله تعالى، وهذا كما تقول: هذا وجه القول والأمر، أي حقيقته وذاته، وذُو الْجَلالِ صفة لفظة الوجه.
النّعم الإلهية موصولة في الدنيا والآخرة، وفي كل نعمة تعجب من صنعها وتيسيرها للناس، وفيها دلالة واضحة على عظمة القدرة الإلهية، وكون كل شيء بخلق الله وإبداعه، حتى إن كل الاكتشافات والاختراعات المادية، وإن صدرت في الظاهر من الإنسان، فإنما هي بإلهام الله وإرشاده وتعليمه، وكذلك غزو الفضاء بالآلات والأقمار الصناعية وسفن الفضاء والصواريخ، إنما تم بتمكين الله وتعليمه.
وسيفاجأ الإنسان في الآخرة بغرائب الأحداث والظواهر الكونية خلافا للمألوف في الدنيا، كانشقاق السماء وتبدّلها، وتسيير الجبال وإزالتها، وتفرّد الله بالحساب والجزاء، وكون المسؤولية شخصية أو فردية، وتميّز المجرمين عمن سواهم، ومشاهدة جهنم المستعرة تغيّظا وإرهابا. قال الله تعالى واصفا هذه الأحوال:
يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (31) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (32) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (33)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (35) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (36) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (37) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (38)
فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (41) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (42) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43)
يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (45)
«1» «2» «3» «4»