أخطب، أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: يا رسول الله، إن النساء يعيّرنني، ويقلن لي: يا يهودية بنت يهوديين!! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هلا قلت: إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد» فأنزل الله هذه الآية.
وآية وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ نزلت- كما أخرج أصحاب السنن الأربعة عن أبي جبيرة بن الضحاك- قال: كان الرجل منا يكون له الاسمان والثلاثة، فيدعى ببعضها، فعسى أن يكرهه، فنزلت: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ.
ثم أمر الله باجتناب سوء الظن، وحرمه، فيا أيها المصدقون بالله ورسوله، ابتعدوا عن كثير من الظن، فبعض الظن وهو ظن السوء بأهل الخير موقع في الإثم، لنهي الله عنه، وكل رشيد يحترس من سوء الظن ويسد ذرائعه، ثم نهى الله عن التجسس، فلا تبحثوا عن عورات المسلمين ومعايبهم، وتذيعوا أسرارهم ومثالبهم، والتجسس: البحث عما هو مكتوم، من العيوب. والتحسس: البحث عن الأخبار، والاستماع لحديث القوم وهم له كارهون، ثم حرم الله الغيبة: وهي ذكرك أخاك بما يكره، فلا يذكر بعضكم بعضا في غيبته بما يسيء إليه، صراحة أو إشارة، لما فيه من الأذى بالمغتاب، وهو يتناول كل ما يؤذي الآخرين، سواء في الدين أو الدنيا، في الخلق أو الخلق، في المال أو الولد أو الزوجة أو الخادمة أو اللباس ونحو ذلك.
وشبه الله تعالى الغيبة بأكل لحم الإنسان الميت للتنفير، وهو ما يكرهه كل إنسان، وإذا كان يكرهه، فالغيبة مثله، فهي كأكل جثة الإنسان، وهذا تنفير وتوبيخ وتقبيح شديد، فضلا عن كونه محرما شرعا، أي إن الغيبة حرام شراعا، وقبيحة عقلا وعرفا ودينا.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريح قال: زعموا أن آية وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً نزلت في سلمان الفارسي، أكل ثم رقد، فذكر رجل أكله ورقاده، فنزلت.