الجميع بأن ذلك يكون في وجهتهم تلك (أي عام الحديبية) ولكن سبق في علم الله أن ذلك ليس في تلك الوجهة، وإنما في عام مقبل، وتحقق ذلك. وكانت مهمة الرسول وما زالت هداية إلى الطريق القويم وإلى الدين الحق. وأوصاف صحابته عجيبة: هي الشدة على الأعداء، والرحمة بالمؤمنين، وكثرة العبادة، والحرص على الثواب وإرضاء الله، والتميز بالنور، وتوصيفهم في التوراة والإنجيل، وانتقالهم إلى مرحلة القوة والكثرة، ووعدهم من الله بالمغفرة والجنة، كما في هذه الآيات الآتية:
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» [الفتح: 48/ 27- 29] .
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال: أري النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو بالحديبية أنه يدخل مكة، هو وأصحابه آمنين، محلّقين رؤوسهم ومقصرين، فلما نحر الهدي بالحديبية، قال أصحابه: أين رؤياك يا رسول الله؟
فنزلت: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ..
المعنى: تالله لقد صدق الله تعالى تأويل رؤياه، التي رآها، تصديقا مقترنا بالحق: