الشّعب، إذ صاح المشركون: يوم بيوم، لنا العزّى ولا عزّى لكم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم.
كما تقدم بيانه.
ثم بيّن الله تعالى أحوال المؤمنين والكافرين في الآخرة، فقال عن المؤمنين: إن الله يدخل عباده المؤمنين المصدقين بالله ورسوله، والعاملين الأعمال الصالحة جنات تجري الأنهار من تحت قصورها، تكريما لهم.
وأما الذين جحدوا بوجود الله وتوحيده، وكذبوا رسوله، فيتمتعون أو ينتفعون بمتاع الدنيا الحقير، ويأكلون منها كأكل الأنعام (الإبل والبقر والغنم) لا همّ لهم إلا ملء بطونهم، وإشباع شهواتهم، والنار مقر لهم أو مثوى، أي موضع الإقامة، والتشبيه بأكل الأنعام يراد به الأكل المجرد من الفكر والنظر، أي إن هذا التشبيه وقع فيما عدا الأكل على قلة الفكر وعدم النظر.
ثم هدّد الله مشركي مكة وتوعدهم بما حدث لأمثالهم، فكثير من أهل المدن والأمم السابقة ذات القوة والنفوذ، كانوا أشد بأسا وقوة، من أهل مكة الذين أخرجوك منها، فأهلكناهم، ولم يجدوا لهم ناصرا ولا معينا يدفع عنهم العذاب. فإذا أهلك الله تعالى عتاة الأمم الذين كذبوا الرسل. فسيفعل الأمر نفسه بأمثالهم. وإن امتنع عذاب الاستئصال في الدنيا إكراما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم نبي الرحمة، فإن عذاب الآخرة كائن لهم حتما.
وسبب التفرقة بين الفريقين في الجزاء هو:
هل من كان على بصيرة ويقين من أمر دينه، وبما جبل عليه من الفطرة السليمة بتوحيد الله، مثل من زيّن له سوء عمله، فرآه حسنا، وهو عبادة الأوثان، والإشراك بالله، واقتراف المعاصي، فإنهم اتبعوا أهواءهم في عبادة الأصنام،