وجزاء هؤلاء الصالحين: أن الله تعالى يتقبل من أولئك الموصوفين بالصفات المتقدمة أحسن أعمالهم، وهو ما قدّموه من صالح العمل، وعمل الخير في الدنيا، المتفق مع أمر الله تعالى، ويعفو عنهم، ويتجاوز عن سيئاتهم وذنوبهم، فلا يعاقبهم عليها، لأنها تتلاشى بالحسنات، كما قال الله سبحانه: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود: 11/ 114] . وهم من جملة أصحاب الجنة، الذين سبقت لهم رحمة الله تعالى، وقد وعد الله أهل الإيمان بالقبول، وعدا صادقا منجزا.
وقوله تعالى: أُولئِكَ بالإشارة إلى البعيد، لبيان علو منزلتهم، وهو إشارة إلى الإنسان المذكور باعتبار الجنس، في قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ وجمعه باعتبار أفراد الإنسان، الذين تحقق فيهم ما ذكر من الأوصاف، بمعرفة حقوق الوالدين، والرجوع إلى الله بسؤال التوفيق للشكر، وذلك مشعر بأن هذه الأوصاف: هي أوصاف الإنسان الكامل. وقوله: أَحْسَنَ ما عَمِلُوا أي حسن ما عملوا، فيشمل الحسن والأحسن. وقوله: وَعْدَ الصِّدْقِ مصدر مؤكد لما قبله، أي وعدهم ذلك وعد الصادق في قوله وفعله، وتنفيذ وعده.
واستفيد من هذه الآية: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ومن آية لقمان: وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ [لقمان: 31/ 14] أن أقل الحمل ستة أشهر، لأن الرضاع يكون في حولين كاملين في آية: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ [البقرة:
2/ 233] فإذا كان أكثر مدة الرضاع حولين كاملين، بقي للحمل من الثلاثين شهرا:
ستة أشهر. وكان علي رضي الله عنه أول من استدل بهاتين الآيتين، للدلالة على أقل مدة الحمل، وهي ستة أشهر.