الله شيئا، أي أخبر بشيء منها، اتخذها مهزوءا بها، وموضعا للسخرية والتندر، أولئك الأفاكون، لهم عذاب مهين، أي مشتمل على المذلة والهوان والافتضاح.

وكلمة (أولئك) مشار بها إلى قوله لِكُلِّ أَفَّاكٍ لأنه اسم جنس، له الصفات المذكورة بعده.

وصفة ذلك العذاب: أن أمام أولئك الأفاكين جهنم يوم القيامة، أو أعقاب أفعالهم جهنم، ولا يدفع عنهم شيئا من العذاب ما كسبوا في الدنيا من الأولاد والأموال، كما قال الله تعالى في آية أخرى: لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [آل عمران: 3/ 10 و116] ولا ينفعهم أي نفع، ولا تفيدهم الأصنام التي اتخذوها آلهة، يعبدونها من دون الله، وأعوانا وأنصارا، يتوقعون منها النفع ودفع الضرر، ولهم عذاب شديد مؤلم في جهنم.

وقوله سبحانه مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ قال بعضهم: معناه: من أمامهم، والواقع لا داعي لهذا التأويل، فكلمة (وراء) في اللغة هي المفيدة لما يأتي خلف الإنسان، وما يأتي بعد الشيء في الزمان فهو وراءه، وجهنم وإحراقها للكفار: يأتي بعد كفرهم وأفعالهم. وقوله سبحانه: وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ يعني بذلك الأوثان.

والفرق بين قوله أولا: لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ثم قوله وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ أن الوصف الأول يدل على الإهانة مع العذاب، والوصف الثاني يدل على بلوغ العذاب أشده في كونه ضررا.

ثم وصف الله تعالى القرآن الكريم بأنه طريق النجاة المحققة، وأنه هاد إلى الحق، ومرشد إلى الصواب، وناقل الناس من الظلام إلى النور، والذين جحدوا بآيات ربهم في القرآن، سواء الآيات الكونية أو الشرعية، لهم أشد العذاب يوم القيامة. ووصف العذاب سابقا بوصف (أليم) و (مهين) و (عظيم) يؤدي إلى قوله تعالى: عَذابٌ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015