المراد قرنهم بهم. وقد وصف الله الحور بأوصاف في آيات، منها: فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (58) [الرحمن: 55/ 56- 58] فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (70) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (71) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (72) [الرحمن: 55/ 70- 72] .
- وهم يطلبون للخدمة والتصرف في الجنة ما شاؤوا من أنواع الثمار أو الفاكهة وهم آمنون من انقطاعها أو امتناعها، وإنما يحضرها الخدم كلما أرادوا، وهم أيضا آمنون من الأوجاع والأسقام، ومن الموت والعناء، ووساوس الشيطان. وهذا دليل على التمتع بأنواع اللذة المادية والمعنوية.
- ثم إن حياتهم في الجنة دائمة، لا يتعرضون في الآخرة للموت أبدا، ولا يذوقون طعم الموت فيها مطلقا، لكن الموتة الأولى التي ذاقوها في الدنيا: قد عرفوها وانتهى أمرها، وحماهم الله تعالى من عذاب النار، ونجّاهم منه، والمراد أن الله تعالى نفى عنهم أمرين: ذوق الموت وعذاب النار.
وقدّر قوم معنى (إلا) ب (سوى) وهو صحيح خلافا لرأي الطبري، فإن الواضح المفهوم من الآية أنهم كما ذكر الزمخشري وابن عطية لا يذوقون الموت أبدا، إلا الموتة الأولى التي كانت قبل دخول الجنة.
أخرج السّجستاني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من اتقى الله دخل الجنة ينعّم فيها، ولا يبأس، ويحيا فيها، فلا يموت، ولا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه» .
وذلك كله: تفضل من الله تعالى عليهم، وإحسان إليهم، ذلك هو الفوز الأكبر الذي لا يعلوه فوز.
أخرج الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «اعملوا وسدّدوا وقاربوا، واعلموا أن أحدا لن يدخله