الوحي الإلهي حقيقة واقعة لا ينكرها إلا كل جاحد منكر للدّين، وهو فضل من الله تعالى ونعمة، من أجل خير الإنسان ونفعه، وهو واحد وأمر مشترك بين جميع الأنبياء والرسل، ولولا الوحي لضل البشر وبقوا تائهين، تتحكم فيهم الأهواء والشهوات، وتستبد بهم المطامع والمصالح الذاتية، فكان من رحمة الله تعالى أن يجمع الناس على منهج واحد وصراط مستقيم، وذلك بالوحي المنزل على الرسل، سواء ما كان منه مكتوبا أو بالمعنى، وهذه آيات تدل على أنواع الوحي وأغراضه:
وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
«1» «2» [الشورى: 42/ 51- 53] .
سبب نزول الآية الأولى: وَما كانَ لِبَشَرٍ
أن اليهود قالوا للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا، كما كلّمه موسى؟ فنزلت، وقال:
لم ينظر موسى إلى الله تعالى.
المعنى: لا يكون لأحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام، ولا ينبغي له، ولا يمكن فيه أن يكلمه الله تبارك وتعالى إلا بأن يوحي إليه بأحد أنواع الوحي: إما أن يكون وحيا مباشرا: وهو الإلهام والإلقاء في القلب يقظة أو في المنام، كرؤيا إبراهيم الخليل عليه السّلام ذبح ولده.