وكل ذلك يتم بمعيار دقيق من الإله الحكيم القدير، ومن دلائل عظمة الله وقدرته وسلطانه: خلق السماوات والأرض على هذا النحو البديع، وما نشر وفرّق في السماوات والأرض من الدواب المتحركة، ويشمل ذلك الملائكة والإنس والجن، وسائر أنواع الحيوان، والله تام القدرة على جمعهم في صعيد واحد، وحشرهم يوم القيامة.
وقد يحتجب الرزق بسبب المعاصي، وما أصابكم أيها الناس من المصائب، كالآلام والأسقام، والقحط والغرق، والصواعق والزلازل ونحوها، فإنما هي بسبب سيئات اقترفتموها، ومعاص ارتكبتموها، فهي عقوبات الذنوب وكفاراتها في الدنيا، ويعفو الله عن كثير من المعاصي، فلا يعاقب عليها.
جاء في الحديث الذي أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وغيرهما عن الحسن البصري: «لا يصيب ابن آدم خدش عود أو عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب، وما يعفو عنه أكثر» .
ولستم أنتم أيها المذنبون الكافرون بمعجزين الله حيثما كنتم، ولا تتمكنون من الإفلات من العقاب، فبنو آدم عجزة قاصرون ضعفاء، وهم في قبضة القدرة الإلهية، ولا يمكنهم الفرار من طلب ربهم.
ومن آيات قدرة الله وسلطانه: إجراء السفن السائرة في البحار كالجبال، سواء أكانت شراعية أم بخارية أم كهربائية أم ذرية، وإن يرد الله إيقاف السفن الجارية، يجعل الرياح ساكنة، والطاقة متعطلة، فتصبح السفن ثوابت رواكد على ظهر البحر، لا تسير ولا تتحرك، إن في أمر إجراء السفن في أعالي الموج والماء لدلالة عظيمة على قدرته تعالى، لمن كان كثير الصبر على الشدائد وعلى طاعة الله، كثير الشكر على النعمة. وإن يشأ الله يهلك أو يتلف السفن بالغرق بما كسب ركابها من البشر، أي