مسعود قال: كنت مستترا بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة نفر ... فتكلموا بكلام، واختلفوا هل يسمع الله كلامهم، فأنزل الله عز وجل: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ الآية.
ثم خاطب الله نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم بما معناه: فإن يصبر أعداء الله، لم ينفعهم الصبر، وإن لم يصبروا، فهم في النار في الحالين، وإن يطلب منهم العتبى، وتسويغ أعمالهم، وإبداء أعذارهم، فليسوا ممن يقبل عذرهم، لأنهم فارقوا الدنيا التي هي دار التكليف والطاعة والعمل.
ثم أبان الله سبب بقائهم في الكفر بعد إدمانهم عليه: وهو أن الله سلّط وهيأ لهم شياطين الجن والإنس وهم القرناء، فحسّنوا لهم أعمالهم في الماضي والمستقبل، وزيّنوا لهم أحوال الدنيا التي بين أيديهم وهي كل ما تقدمهم في الزمن، وأمور الآخرة التي هي خلفهم، وهي معتقدات السوء وكل ما يأتي بعدهم من أمر القيامة والبعث، ونحو ذلك مما يقال فيه: «إنه خلف الإنسان» والمراد أمامه. وثبت عليهم العذاب في جملة أمم كافرة مضت قبلهم، مع جملة من الجن والإنس فعلوا كفعلهم، فوجب لهم العذاب نفسه، وكانوا جميعا متساوين في الخسارة والدمار بسبب تكذيبهم وسوء أفعالهم.
تعددت مواقف المشركين المكيين من معاداة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وصد الناس عن دعوته، وبخاصة عند سماع القرآن الكريم.
فاتفقوا على التشويش الشديد عند سماع آيات القرآن لصرف الناس عنه، فقال