أيام ستة، كما جاء في آية أخرى: خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [الأعراف:
7/ 54] وغيرها، قال مجاهد: ويوم من الأيام الستة كألف سنة مما تعدّون، والراجح أن هذه الأيام مثل أيام الدنيا.
وأوحى الله في كل سماء أمرها، أي جعل فيها النظام الذي تجري عليه الأمور فيها، وزيّن سماء الدنيا بكواكب منيرة مضيئة، مشرقة على أهل الأرض، متلألئة كالمصابيح، وجعل المصابيح زينة، وحفظا من الشياطين الذين يسترقون السمع، ومن الاضطراب في سيرها، ومن اصطدام بعضها ببعض، ذلك النظام البديع هو من ترتيب الله القادر على صنع كل شيء، القاهر كل شيء، والعليم علما تاما بمصالح الخلق وحركاتهم وسكناتهم جميعها.
لم يترك القرآن الكريم وسيلة في خطاب المشركين لإقناعهم بوحدانية الله تعالى، وترك عبادة الأصنام إلا سلكها، ونوّع في عرضها، وأبان ما ينبغي أن يكون عليه العقلاء والسعداء في وجوب المبادرة إلى سماع النصيحة، والإقلاع عن عادة الوثنية وسلوكياتها الضالة، وطرقها الوعرة، وما يترتب عليها من خرافات وأساطير، وحينما لم تجد معهم وسائل الإقناع والنقاش، أنذرهم القرآن الكريم بالتعرض لأشد ويلات العذاب وألوان العقاب، مثل الذي أنزله الله بالأمم السابقة العاتية، كما تبين هذه الآيات الشريفة:
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (14) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (17)
وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (18)
«1»