يجمع الله تعالى في بضع آيات موضوعات متعددة، يساند بعضها بعضا، وتحقق الغاية منها لإصلاح الإنسان، وتحذيره من الانحراف والعصيان، فيكون الوعد بجوار الوعيد، والنهي يقابل الأمر، والترغيب مع الترهيب، والإخبار بسوء مصير المكذبين بآيات الله، ونجاة المتقين في عالم القيامة، واقتران التذكير بأن الله خالق كل شيء، مع التفرد بالسلطان والحساب والجزاء، والتحذير من إحباط الشرك جميع الأعمال، والأمر بعبادة الله وشكره، وهذا اللون من الجمع بين المتقابلات يتميز به أسلوب القرآن المتميز بالإعجاز، وارتقاء المستوى البلاغي والفصاحة إلى أرقى الحدود لأن الأشياء تتبين بأضدادها، قال الله تعالى:
وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (61) اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (64)
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)
«1» «2» «3» «4» [الزمر: 39/ 60- 67] .
هذه ألوان من الأخبار المتضمنة للوعيد والتحذير والإنذار لمعاصري النبي محمد