من الشجر الرطب، فيضربها به ضربة واحدة فتبر يمينه. وهذا حكم ورد في شرعنا حيث
أخرج أبو داود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مثله في حد رجل زمن (مريض مرضا مزمنا) بالزنى، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعذق (عدد من النخيل) فيه مائة شمراخ أو نحوها، فضرب به ضربة.
وقال به بعض الفقهاء وهو الإمام الشافعي.
ثم أثنى الله تعالى على أيوب عليه السّلام بقوله: إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ أي لقد وجدناه صابرا على البلاء الذي ابتليناه به في جسده، وذهاب ماله وأهله وولده، نعم الرجل العبد لله أيوب، إنه رجّاع إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار، زيادة في حسناته، ورفع درجته، لا بسبب ذنب ارتكبه، فجازيناه بتفريج كربته، مع أنه ليس في الشكوى إلى الله إخلال بالصبر، ولكن إيمان الأنبياء المطلق الذي يستلهمون منه أن الله تعالى عليم بهم، قد لا يطلبون من الله شيئا، لإذهاب همهم وغمهم، كما فعل إبراهيم عليه السّلام حينما ألقي في النار، لم يدع ربه، وإنما قال: «علمه بحالي يغنيه عن سؤالي» .
وروي عن أيوب عليه السّلام: أنه كان يقول كلما أصابته مصيبة: «اللهم أنت أخذت، وأنت أعطيت» وكان يقول في مناجاته: «إلهي قد علمت أنه لم يخالف لساني قلبي، ولم يتبع قلبي بصري، ولم يلهني ما ملكت يميني، ولم آكل إلا ومعي يتيم، ولم أبت شبعان ولا كاسيا، ومعي جائع أو عريان» .
هذه أمثلة عالية من مواقف أيوب عليه السّلام، تعدّ ذخرا عظيما، وقدوة حسنة للمؤمنين، فلا يصدر عنهم في وقت المرض أو المحنة أو الأذى إلا ما يتفق مع الأدب مع الله تعالى والتفويض إليه.