المشروع، تامة الأركان والشرائط، ومن تطهر من الشرك والمعاصي، وعمل صالحا، فإنما يتطهر لنفسه، لأن نفع ذلك يعود على نفسه، لا على غيره، وإلى الله المرجع والمآب، وهو سريع الحساب، يجازي كل امرئ بما كسب.
سبب هذه الآية أن الوليد بن المغيرة قال لقوم من المؤمنين: اكفروا بمحمد، وعليّ وزركم، فحكم الله تعالى بأن الأوزار لا يحملها أحد عن أحد.
ثم ضرب الله المثل للمؤمن والكافر، فكما أنه لا يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمة ولا النور، ولا الظل ولا الحرور (شدة حر الشمس) كذلك لا يتساوى الكافر الذي عمي عن دين الله، والمؤمن الذي عرف طريق الرشاد، فاتبعه وانقاد له، ولا تتساوى ظلمات الكفر ونور الإيمان، ولا يتساوى الثواب والعقاب أو الجنة والنار.
ولا يتساوى المؤمنون أحياء القلوب والنفوس والمشاعر، والكافرون أموات القلوب والحواس، ومصدر الهداية هو الله تعالى، فإن الله يرشد من يشاء إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها، والمشركون لا ينتفعون بهداية النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأن الكفر سيطر عليهم وأمات قلوبهم، كما لا ينتفع الموتى في قبورهم بالهداية والإرشاد. وهذا تمثيل بما يحسه البشر ويشاهدونه، فهم يرون أن الميت لا يسمع. وما أنت أيها النبي إلا رسول منذر عذاب الله، ليس عليك إلا الإنذار والتبليغ، وأما الهداية فهي بيد الله تعالى.
ولقد أرسلناك أيها الرسول بدعوة الحق الثابت المطابق للواقع، مبشرا أهل الطاعة بالجنة، ومنذرا الكافرين والعصاة بالنار.
ولم تخل أية أمة من الأمم السابقة من نذير منذر، لئلا يكون للناس حجة أو عذر، وإن يكذبك أيها الرسول قومك فقد كذبت الأمم الماضية أنبياءهم، جاءتهم رسلهم