بالغ الغاية في الشدة. ومكر أو تدبير هؤلاء المفسدين يفسد ويضيع، ولا ينفذ، لأن الله تعالى يحبط مكائدهم، ويفوّت عليهم ألوان مكرهم.
والدليل الثاني على إمكان البعث: بدء خلق الإنسان، والمراحل التي يمر بها في أطوار خلقه، فالله تعالى ابتدأ خلق الإنسان من تراب، وهو أبونا آدم عليه السلام، ثم جعل تكاثر ذريته ونسله بواسطة سلالة من ماء مهين، حيث صيّر التراب نطفة بواسطة الماء، ثم جعل الناس أصنافا، ذكورا وإناثا، هذا التحوّل من تراب لا حياة فيه إلى خلية حية، إلى إنسان سوي: دليل قاطع آخر على إمكان البعث الذي هو إعادة الحياة مرة أخرى بفعل الله تعالى، والإعادة في مفهوم الناس وتقديرهم أهون من الخلق، أما بالنسبة لله تعالى فهما سواء.
ودليل القدرة الإلهية هذا، يصحبه دليل آخر لإتمام الهندسة أو الصنع الإلهي، وهو كمال العلم، فإن الله تعالى عالم بحمل أي أنثى في العالم، لا يخفى عليه من ذلك شيء، يعلم بدء التخلق، ووقت الوضع ومكانه وكيفيته.
وحال الإنسان وعمره بعد الولادة مختلف، فما يمدّ في عمر إنسان، ولا ينقص من عمر آخر إلا وهو مدوّن معلوم في اللوح المحفوظ، سواء كان ذا عمر طويل أو عمر قصير، وذلك النظام المرتّب، والمتفاوت لكل إنسان، سهل يسير على الله تعالى، لديه علمه جملة وتفصيلا.
ومن المعلوم أن عمر الإنسان محدود، لا يزيد ولا ينقص، وأما ظاهر دلالة الآية على تعمير المعمر ونقص عمر قصير الأجل، فهذا بحسب أحوال الناس وأعرافهم، فإنهم يقولون: فلان قضى عمره، وفلان لم يكمل عمره، والحقيقة: أن لكل واحد عمرا في علم الله لا يزيد ولا ينقص.