مثل قول الله تعالى: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [غافر: 40/ 57] . وقوله عز وجل: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى [يس: 36/ 81] .
ما أكثر الأدلة المقنعة على وجود الله وقدرته، وإثباته إمكان البعث وجمع الناس ليوم القيامة، ولكن التعامي عن الحقائق سمة أهل الضلال وذوي الأهواء، الذين يؤثرون مصالحهم الذاتية القريبة على الباقي الدائم.
أنعم الله تعالى على داود وسليمان عليهما السلام بنعم عظيمة عجيبة، ما تزال موضع إعجاب وإكبار، وتقدير وإعظام، ولم يتكرر بعضها إلى الآن لأحد من البشر، وقد كان ذلك الإنعام محل شكر وحمد من هذين النبيين الكريمين، لأنهما قدوة للناس.
وأهم هذه النعم: ثلاثة على كل من داود وسليمان، وهي تسخير الجبال لداود وتسبيحها معه، ويقابلها تسخير الريح لسليمان، وتسخير الطير لأداء الخدمات لداود ونظيرها تسخير الجن لسليمان، وإلانة الحديد لداود في مقابل إلانة النحاس لسليمان، وهذا ما تبيّنه في الآيات الآتية:
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (14)
«1» «2»