لهم: بلى والله لتأتينكم بلا شك أو ريب. وهذا في غاية التأكيد، بسبب القسم بالله، وتأكيد الفعل باللام، وبنون التوكيد الثقيلة.
والله القادر على البعث: عالم بالغيبيات، لا يغيب عنه شيء من الموجودات، ولو كان أصغر شيء كالذرة، يعلم الأصغر والأكبر، وكل ذلك ثابت علمه، ومدوّن في كتاب واضح، وهو اللوح المحفوظ، وبما أن العلم بالمغيبات ثابت لله تعالى، فاقتضى إمكان البعث.
وقيام الساعة ضروري للحساب وإحقاق الحق والعدل بين الناس، من أجل إثابة المؤمنين الذي يعملون العمل الصالح: وهو الفرائض وكل ما أمروا به، واجتناب كل ما نهوا عنه، وأولئك لا غيرهم لهم المغفرة، أي محو الذنوب، والرزق الكريم: وهو الجنة. وهذا هو الفريق الأول. وهو ضروري أيضا من أجل عقاب الكفار المعاندين الذين حاولوا إبطال آيات القرآن، وأدلة البعث، ظانين أنهم يفلتون من العقاب، وأولئك لا غيرهم لهم عذاب مؤلم شديد في نار جهنم، وهو أسوأ العذاب وأشده.
إن تصور عالم الآخرة الرهيب الذي لا بد من وقوعه بعلم الله تعالى وقدرته وحكمته، والنظر في مصائر الخلائق، وفصل الحساب بينهم وتصنيفهم إلى أهل الجنة وأهل النار، كل هذا مدعاة للتأمل في هذا المصير المحتوم والإعداد له بحسن الأعمال، وتجنب سوء الأفعال.
تفاوتت مواقف المؤمنين والكافرين من النبوة والبعث تفاوتا كبيرا، واختلفوا اختلافا صارخا، فأهل الإيمان والعلم يرون الوحي المنزل على محمد صلّى الله عليه وسلم حقا، وأنه يهدي إلى صراط مستقيم، وأن البعث حق، وأهل الكفر والجهل يرون الوحي كذبا،