ترك الضلال والإضلال، فالداعي إلى الضلال يقلع عن مساعيه الشريرة في إضلال الآخرة، والمدعو للضلال يتخلص من تأثيرات المضلين، ويبتعد عن أقوالهم وأفعالهم وجميع إغراءاتهم وأضاليلهم، فإذا فعلوا ذلك في الدنيا دار التكليف والاختبار، نجّوا أنفسهم من سوء العذاب وسوء المصير.
لقد زخر القرآن العظيم بتوجيهات المؤمنين إلى أقوم السبل، مبتدئا من التخلي عن الحرام، وذلك بتحريم الإيذاء، ثم تقويم النفوس على هدي الله وتقواه بالتزام الأوامر واجتناب النواهي، ثم تحريض كل إنسان على أداء أمانة التكليف الإلهي على أقوم الوجوه وأسلم الطرق، فيؤول أمر الناس أو يصير إلى إثابة المؤمنين المستقيمين على درب الطاعة، وتعذيب الكافرين والمنافقين والمشركين الوثنيين. وهذه عملية إفراز وعزل، يتميز بها كل فريق عن الآخر، بالمزايا أو الصفات التي تؤهله إلى مصير معين: حسن كريم، أو سيّئ مشؤوم، قال الله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً (69) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (73)
[الأحزاب: 33/ 69- 73] .
تميزت هذه الآيات بأدب الخطاب الإلهي، لابتدائها بوصف المخاطبين بالإيمان، فيا أيها المصدقون بالله ورسوله، لا تؤذوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالقول أو العمل، مما