الآخرة فهو في نعيم دائم، وجنان تجري من تحتها الأنهار، ورضوان من الله أكبر، وأما الكافر في الدنيا: فهو قلق البال، مضطرب النفس، يعيش في كمد وحسرة، ولا يعمل لهدف، فإن أحسن العمل استفاد فقط من حسن عمله في دنياه، ولم يفده شيئا في آخرته، وأما في الآخرة: فهو في عذاب مستمر، ونيران يتلظى بها، وحميم يصب فوق رأسه، وسخط وغضب من الله عليه. وهذا ما يفهم من الآيات الآتية:
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (24)
«1» [لقمان: 31/ 22- 24] .
هذا بيان واضح لمصير المؤمن والكافر، ليتبين الفرق، وتتحرك النفوس إلى طلب الأفضل، ومعرفة الأسلم والأحكم. فمن يسلم، أي يخلص وجهه إلى الله تعالى ويستسلم به، أو يخلص العبادة والعمل إلى الله تعالى، ويخضع إلى أمره، ويتبع شرعه، ويتقن عمله، باتباع ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه وزجر، فقد ضمن لنفسه النجاة، وتعلّق بأوثق الوسائل الموصلة إلى رضوان الله تعالى، وسيلقى الجزاء الحسن على عمله، لأن مصير المخلوقات كلهم إلى الله سبحانه، فيجازي المتوكل عليه، المخلص عبادته إليه، أحسن الجزاء، كما يعاقب المسيء بأشد العذاب.
وقوله تعالى: يُسْلِمْ وَجْهَهُ الوجه هنا: هو الجزء المعروف، مأخوذ من المواجهة أستعير هنا للقصد، لأن القاصد للشيء هو مستقبله بوجهه، فاستعير ذلك للمعاني، وقوله سبحانه: وَهُوَ مُحْسِنٌ المحسن: هو الذي جمع القول والعمل.
وهو
في بيان النبي صلّى الله عليه وسلم: الذي يعبد الله كأنه يراه.
والعروة الوثقى: استعارة للأمر المنجي.