أنفسهم بكفرهم وتكذيبهم رسولهم، وتماديهم في الضلال والفساد. ولفظ البشرى في هذه الآية تتضمن أمر إسحاق، ونصرة لوط عليهما السّلام.
فلما أخبروا إبراهيم بإهلاك قرى قوم لوط على ظلمهم، أشفق إبراهيم عليه السّلام على لوط عليه السّلام، فسأل عن مصير لوط وهو رسول، وغير ظالم، فقالت الملائكة الرسل: نحن أعلم منك بمن في البلد من المؤمنين والكافرين، وإنا لننجي لوطا وأهله، وأتباعه المؤمنين به من الهلاك إلّا امرأته، فهي من الهالكين الباقين في العذاب.
ولما جاءت الملائكة إلى لوط عليه السّلام على صورة بشر حسان الوجوه، اغتم بأمرهم، وخاف عليهم من فساد قومه، وضاق ذرعا بهم، أي قصرت طاقته أو قدرته، حفاظا عليهم وحياء منهم، فقالوا له مطمئنين: لا تخف علينا، ولا تحزن بما نفعله بقومك الأخباث، وإنا منجّوك وأتباعك المؤمنين من العذاب إلّا امرأتك، فهي من الباقين في العذاب. وصفة هذا العذاب: أننا سننزل على أهل بلاد سدوم عذابا شديدا من السماء، بسبب فسقهم وعصيانهم، وكان العذاب زلزالا خسف بهم الأرض، وقلب ديارهم عاليها سافلها.
ولقد تركنا من البلدة بعض آثار منازلهم الخربة أو بعض أخبارهم آية: علامة ظاهرة واضحة، وعبرة لقوم يتدبرون الأمور بعقولهم الرشيدة، ويتبصرون بمصائر المجرمين الذين كذبوا رسولهم.
استبدّ الانحراف والفساد بأقوام سابقين، فانحرفوا عن عبادة الله تعالى وأنكروا الآخرة، وعاثوا في الأرض فسادا، وكذبوا رسلهم، وهم قبائل مدين وعاد وثمود، وأشخاص قارون وفرعون وهامان وأتباعهم، فاستحقوا بمقتضى قانون العدالة