وتقريع، كما في قوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:
15/ 92- 93] . وقوله سبحانه: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (24) [الصّافّات: 37/ 24] .
استبدّ البغي والغرور بقارون الثّري المترف، وسيطر الكبرياء والعجب والتّجبر على نفسه، فأراد إظهار ما لديه من الثراء والقدرة على الملابس والمراكب وزينة الدنيا ومفاتنها، فافتتن أهل الدنيا باستعراضه الفاخر وتمنّوا أن يكونوا مثله، ولكنّ أهل العلم والمعرفة المتيقّظين لحقائق الدنيا ومظاهرها حذّروا من هذه الفتنة، ووجّهوا إلى العمل الأخروي الباقي. وكانت العاقبة كما قدّروا، فخسف الله بقارون الأرض، ودمّر دوره وممتلكاته، واستيقظ الناس على هذا المصير المشؤوم، وأرشدتهم صحوة العقل والدين إلى أن زوال الدنيا سريع، وأن خطر العقاب لكل عات متمرد قريب، قال الله تعالى مبيّنا هذه الخاتمة لقارون:
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (82)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [القصص: 28/ 79- 82] .