ولا يستوي المؤمن والكافر في الجزاء، وكيف يستوي المؤمن بكتاب الله، المصدّق بوعده، المتأمّل فضل الله وملاقيه، والكافر الكذوب، المتمتّع بحطام الدنيا أياما قليلة، ثم يحضره الله يوم القيامة، ليتلقى العذاب المهين؟! وهذه الآية: أَفَمَنْ وَعَدْناهُ.. نزلت كما أخرج ابن جرير عن مجاهد في النبي صلّى الله عليه وسلم وفي أبي جهل بن هشام. وقيل: في حمزة وأبي جهل.
ناقش القرآن الكريم المشركين في عقائدهم الفاسدة، مبيّنا لهم ما يتعرّضون له من أسئلة، وهذا غاية الصراحة والإخلاص والبيان السابق، إنهم عبدوا الأصنام والأوثان، فهل تستطيع مناصرتهم؟ ودعوا تلك الآلهة المزعومة لتخليصهم من العذاب، فلم يجيبوا، وسئلوا عن توحيد الله عزّ وجلّ وإجابتهم رسلهم، فلم يجدوا جوابا مقنعا، فأفلسوا ووقعوا في اليأس والإحباط. إن هذه المناقشة تستدعي التأمل والوعي والتفكّر، إن كان الوثنيون من ذوي العقل والرّشد، وأرادوا النّجاة والخير لأنفسهم، ولكنهم بعدوا عن مقتضى العقل، فخابوا وخسروا. قال الله تعالى واصفا هذه الحال:
وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (66)
فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)
«1» «2» [القصص: 28/ 62- 67] .