(?) [القصص: 28/ 33- 37] .
لما أمر الله تعالى موسى عليه السّلام بالعودة إلى مصر، لهداية فرعون، بعد أن فرّ من سطوته وبطشه، قال موسى: يا ربّ، إني قتلت من قوم فرعون نفسا، فأخاف إن رأوني أن يقتلوني ثأرا من قتيلهم، فكيف أذهب إلى فرعون وقومه؟! إن أخي هارون هو أفصح لسانا مني، وأحسن بيانا، وأدرى مني بلهجة المصريين، لأنه لم يترك بلادهم، فأرسله معي معينا ووزيرا يصدّقني في قولي وخبري، ويتحمّل معي عبء الرسالة، إني أخاف أن يكذّبوني في نبوّتي ورسالتي، فأجاب الله تعالى طلبه، وجعل هارون رسولا.
وقال الرّب عزّ وجلّ لموسى: سنعزز جانبك، ونقوّي شأنك، ونعينك بأخيك الذي سألت أن يكون نبيّا معك، وسنجعل لكما السلطان، أي الحجة الغالبة، والتّفوق على عدوّكما، فلا يكون للأعداء سبيل للوصول إلى أذاكما، بما نسلّطكما عليهم بآياتنا البيّنات، تمتنعان منهم بها، أنت يا موسى وأخوك، ومن آمن بكما، واتّبعكما في رسالتكما الغالبون بالحجة والبرهان. وقوله تعالى: وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا يحتمل أن يتعلّق قوله: بِآياتِنا إما بفعل وَنَجْعَلُ لَكُما أو بفعل يَصِلُونَ إِلَيْكُما وتكون الباء باء السبية، أي بسبب آياتنا لن يتسلطوا عليكما، ويحتمل أن يتعلق بقوله: الْغالِبُونَ أي تغلبون بآياتنا.
فلما جاء موسى عليه السّلام بآيات الله البيّنات الواضحات، قال فرعون وقومه: