وإنك أيها النّبي أيضا لا تستطيع إسماع الأعداء الذين هم كالموتى، ولا يمكنك إسماع كلام الله، لأنهم كالصّم، فلا أمل في سماعهم، وكالعمي الذين لا يبصرون طريقهم إلى الرشاد، وكيف تسمعهم ما تريد، وهم يولّون عنك مدبرين هاربين؟ إنهم فقدوا الاستعداد للهداية، لا يفهمون ولا يسمعون ولا يبصرون، ومن حجب عن نفسه شعاع الشمس كيف يستفيد من حرارتها وإنارتها؟! ثم أكّد الله تعالى قراره في المخالفين والمعادين إيناسا لنبي الله، وهو أنك أيها الرسول لست بمستطيع هداية العمي وإبعادهم عن ضلالتهم، وردّهم عن انحرافهم، إلى دائرة الحق والخير والنور، لحجبهم عن السماع والتّبصر، ولا تستطيع إلا إسماع الذين علم الله أنهم يؤمنون بآيات الله، أي يصدّقون بها، فهم مسلمون مخلصون التوحيد لله، خاضعون لربّ العباد، ولا يستجيب لك إلا كل بصير القلب، يستخدم سمعه وبصره في إدراك الوجه الصحيح للأمور، ويستعد لقبول الحق الخالص.
إن المعرض عن دعوة النّبي صلّى الله عليه وسلّم أشبه بالموتى حيث لا فائدة من خطابه، وكالأصمّ والأعمى حيث لا أمل في إدراك الكلام، أما المستعد لقبول دعوة النّبي فهو متفتّح القلب والبصيرة. قال العلماء: الميت من الأحياء: هو الذي يلقى الله تعالى بكفره.
إن وقوع القيامة أمر حتمي لا بد منها، فهي عالم الحساب والثواب والعقاب، وسيجد الناس أمارات أو علامات لها في عالم الدنيا قبل النهاية العامة، ولا مجال لتكذيب هذه العلامات، لأنها غريبة الوصف، باهرة التأثير، عجيبة الوضع.
والعلامات للقيامة إما صغرى وإما كبري، وهي إما بمثابة الإنذار لوقوع شيء