4- إن الله تعالى هو الهادي إلى الحق والخير، يدلّ الناس على مواضع غاياتهم، في ظلمات البر والبحر، ويتناقلون ذلك بالتعليم، ويرسل الرياح القوية تبشّر بنزول الأمطار، وتمهّد للتعرف على رحمة الله، هل مع الله إله آخر، يفعل مثل فعله، تنزه الله عما يشركون من عبادة أشياء أخرى مع الله الواحد الأحد المستحق وحده للعبادة؟
إن أفق الإنسان محدود، وعقله مقصور على معرفة أشياء معينة، فهو لا يعلم المستقبل، ولا يستطيع أن يتنبأ نبوءة جازمة عن أمور غيبية مستقبلية، وإنما يتوقع ويخطط، ويدع التنفيذ وإصابة الهدف لله عزّ وجلّ، لذا كان لا بدّ له بعد اتّخاذ الأسباب المرعية والقيام بالواجب من التوكل على الله، أي تفويض الأمر وتنفيذه لله تعالى، فالزارع يبذر الحبّ في الأرض، ويكل أمر النبات لله سبحانه، والتاجر يخاطر في البيع والشراء، ويترك أمر تحقيق الربح لله ربّه، والطالب يجتهد ويكدّ ذهنه، ويدع النتائج والنجاح لله سبحانه، والعامل يبذل ما في وسعه، ثم يفوّض الأمر في سلامة عمله وستره لله المدبّر، وهكذا الناس كلهم قاصرون محتاجون في الاطّلاع على أمور المستقبل إلى الله تعالى، قال الله عزّ وجلّ مبيّنا حصر علم الغيب بذاته العليّة:
قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (66)
«1» «2» [النّمل: 27/ 65- 66] .
إن من مقتضيات الألوهية ولوازمها اختصاص الإله بعلم الغيب، وإدراك مكان