إن في ذلك الإنبات للأشياء لدلالة على قدرة الخالق للأشياء، وقدرته على البعث والإحياء، ومع هذا ما آمن أكثر الناس، بل كذبوا به وبرسله وكتبه، وخالفوا أمره، واقترفوا نهيه ومعصيته.
وإن ربّك أيها الرسول النّبي لهو القادر على كل ما يريد، القاهر الغالب، الذي قهر كل شيء وغلبه، الرّحيم بخلقه ولا سيما التائبين منهم، فلا يعجل انتقامه من العصاة، بل يمهلهم ويؤجلهم، لعلهم يرجعون عن غيّهم وضلالهم، ثم إن لم يرجعوا يأخذهم بالعقاب أخذة فجأة وألم وحسرة. والمراد من آية: وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9) أنه عزّ في نقمته من الكافرين، ورحم مؤمني كل أمة، وفي لفظة الرَّحِيمُ وعد كريم من الله بإضفاء رحمته على أهل التوبة والإيمان، ووعد الله منجز، وفضله سابغ شامل.
إن محنة الأنبياء عليهم السلام شاقة وصعبة، لا سيما إذا كان تبليغ دعوتهم لمثل فرعون المتألّه الطاغية الجبّار، ولكنهم ملزمون بتنفيذ الأمر الإلهي، فقد أمر الله موسى بدعوة فرعون إلى عبادة الله وحده، وإرسال بني إسرائيل معه ومع أخيه، فعاتبه فرعون على فعلته الخطأ بقتل مصري، وامتن عليه بتربيته عنده صغيرا، ولكن موسى عليه السّلام اعتذر عن فعلته بأنها خطأ محض، وكانت قبل النّبوة، وقابل الامتنان بالتربية بأن فرعون فعل ما هو أخطر وأسوأ وهو استعباد قومه بني إسرائيل. وهذا ما قصّه علينا القرآن الكريم، ليظلّ عبرة لمن يتذكر أو يخشى، فقال الله سبحانه: