المنشود في الإصلاح والإبقاء، والبعد عن الإفناء والتدمير، وقد تكرر هذا المنهج التربوي الرفيع في آيات القرآن الكريم، مثل قول الله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) [المائدة: 5/ 73- 74] .
وهذا إعلان واضح بأن التوبة الصادقة تسقط الذنوب السابقة، لأن الله غفار لمن تاب، رحيم بمن أناب.
تابع المشركون في بطحاء مكة طعونهم بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، جحودا برسالته، وتنفيرا عن اتباعه، فتصوروا أن الرسول النبي ينبغي أن يكون ملكا من الملائكة، ولا يصح أن يكون مجرد بشر عادي يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، وإذا كان الرسول من البشر، فلماذا يكون فقير الحال؟ ولم لا يكون مؤيدا بالحرس والأعوان، يعيش في قصر شامخ، وبستان مثمر ممتع، وتكون يده ملأى بالكنوز المترعة، والأموال الوفيرة؟
حكى القرآن الكريم هذه الأخبار، ورد عليها ردا مفحما، يقطع ألسنة الجاحدين المستكبرين، فقال الله تعالى:
وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10)
«1» «2»