ثالثا- وأنزل الله سبحانه مواعظ وزواجر لمن اتقى الله وخاف عذابه فتلك الآيات الموضّحة، والأمثلة المؤثرة، والمواعظ الزاجرة هي لخير الإنسان، وهي نعمة جليلة من نعم الله على المؤمنين، وهذه هي آيات التنوير الحكمي أو المعنوي. وسبب ذلك أن الله تعالى ذو نور السموات والأرض، فهو منورهما، فبقدرته أنارت أضواؤها، واستقامت أمورها، وقامت مصنوعاتها، فهو مصدر النور، وخالق النور، وماحي الظلام، ومدبر الكون بنظام دقيق، وهذا هو النور الحسي. وتقريبا لأذهان الناس وتصوراتهم المحدودة، شبّه الله نوره بنور مصباح في زجاجة موضوعة في كوة أو طاقة غير نافذة من الخلف، لينبعث النور في اتجاه معين نحو المنزل مثلا، وكل ذلك منير، فكأن زجاج هذا المصباح في إضاءته وصفائه كوكب عظيم من الكواكب السيارة، وزيت المصباح مستخرج من زيت زيتون من شجرة مباركة كثيرة المنافع، زرعت في جبل عال أو صحراء، ليست فقط متعرضة لنور الشمس وقت شروقها، ولا وقت غروبها، بل هي في مكان وسط، تتعرض للشمس وقت الطلوع ووقت الغروب، ومن أول النهار إلى آخره.

ويكاد زيتها لصفائه وبريقه يضيء بنفسه، قبل إضاءته ومسّ النار له، لأن الزيت الصافي يرى من بعيد كأنه ذو شعاع، فإذا مسّته النار، ازداد ضوءا على ضوء، ومثل ذلك قلب المؤمن، يعمل بالهدى الإلهي قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العلم، ازداد نورا على نور، وهداية على هداية، لأن الله تعالى هو الذي أبدع الموجودات، وخلق العقل نورا هاديا، فالعاقل يدرك عظمة المخلوقات، ويهتدي إلى خالقها، فإذا اكتملت الهداية بالكتاب الإلهي المنزّل، واستنار الإنسان بإرشادات الرسول المرسل، وضحت الأمور وضوح الشمس.

وهكذا مثل المصباح بالزيت الصافي: هو نور متضاعف، اجتمعت المشكاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015