(?) (?) [المؤمنون: 23/ 99- 104] .
«حتى» ابتداء كلام وإخبار عن حال جديدة: هي حال المحتضر عند الموت من عصاة المؤمنين والكافرين الجاحدين. والمعنى: إذا دنا أجل الإنسان الكافر أو العاصي المفرط في حقوق الله تعالى، ورأى ما ينتظره من العذاب، طلب الرجوع إلى الدنيا، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته، ويتدارك ما فاته من خير، وما قصّر فيه من الأعمال الصالحة.
فيأتيه الردع والزجر من الله بكلمة «كلا» أي لا إجابة لطلبه، وتلك كلمة لا بد من أن يقولها كل محتضر، تعبيرا عن الندم، لأنه لا فائدة من الرجعة، فلو ردّ لعاد لما كان عليه، وكذب في هذه المقالة، كما جاء في آية أخرى: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [الأنعام: 6/ 28] ويكون أمام هؤلاء الظلمة برزخ، أي حاجز مانع ما بين الدنيا والآخرة، يمنع من العودة إلى عالم الدنيا. وهذا تهديد ووعيد بعذاب البرزخ، والمراد من البرزخ، هنا بإجماع المفسرين: المدة التي بين موت الإنسان وبين بعثه، وجملة إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها إشارة إلى أن المحتضر لو ردّ لعاد، فتكون الآية آية ذمّ لهم.
وإذا نفخ في الصور (القرن الهائل) النفخة الثانية، وهي نفخة النشور، وقام الناس من القبور، فلا تنفعهم الأنساب والأحساب والقرابات، على الرغم من وجود التعاطف والتراحم والنسب، لاستيلاء الدهشة والحيرة عليهم، ولا يتمكن القريب أو الصديق من سؤال قريبه أو صديقه، وهو يبصره. لأن هول المطلع يشغل كل امرئ بنفسه، فلا أنساب نافعة، وإنما النافع: هو العمل الصالح.