ولما ثبت عقلا ومنطقا كون التعدد في الآلهة مستحيلا، وبطل قول المشركين في الأمرين معا: وهما اتخاذ الولد واتخاذ الشريك، قال الله تعالى: سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أي تنزه الله الحق الواحد الأحد عما يقول الظالمون المشركون المتجاوزون الحدود في ادعائهم الولد أو الشريك لله.

وقوله تعالى: عالِمِ الْغَيْبِ اتباع لقوله قبل ذلك: سُبْحانَ اللَّهِ قال الأخفش: والجرّ أجود ليكون الكلام من وجه واحد. وقرئ «عالم الغيب» والمعنى:

الله هو عالم الغيب والشهادة، يعلم ما غاب عن إدراك الخلق من الأشياء، ويعلم ما يشاهدونه وما يرونه وما يبصرونه، فهو يعلم الأمرين معا على حد سواء، وهذا دليل آخر على نفي الشريك، لأن غير الله، وإن علم الشهادة، أي العالم المشاهد والموجودات المرئيات أمامه، فلن يعلم معها الغيبيات غير المرئيات، وهذا دليل النقص، والله متصف بالكمال، فلا يكتمل النفع بعلم الشهادة وحدها، دون العلم بالغيب، والغيب: ما غاب عن الناس، والشهادة: ما شهدوه.

وإذا كان الله تعالى عالم الغيب والشهادة على حد سواء فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ أي فتعالى وتقدس وتنزه الله عما يقول المشركون المفترون، الذين يشركون مع الله إلها آخر، وهذه الخاتمة تقديس مطلق لله عز وجل عن أي نقص من صاحبة أو ولد أو شريك، وإطلاق التقديس هو مضمون الألوهية الحقيقية.

الدعاء بالنجاة من عذاب الظلمة

تعهدت العناية الإلهية النبي صلّى الله عليه وسلّم بأتم أنواع الحماية من شرور الظلمة ومن أجل تماسك الشخصية، وإرساء معالم الدعوة إلى الله بالتزام موقف الصلابة، في صراع الأهواء، والاستعاذة من وساوس الشياطين، ومقابلة الإساءة بالإحسان، وتلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015