فإذا أقروا بذلك، فقل لهم أيها الرسول: أفلا تتعظون وتتدبرون أن من خلق هذا ابتداء، قادر على إعادته انتهاء، وأنه لا تصح العبادة إلا للقادر على الخلق والإحياء، والإماتة والإنهاء!! 2- وقل أيها النبي الرسول أيضا لهم: من خالق السماوات السبع وما فيها من الكواكب النيرة، ومجموعات النجوم العظيمة، والملائكة في كل أنحائها، ومن خالق العرش العظيم ومن ربّه والمهيمن عليه؟ فالعرش يجمع بين صفتين: العظمة والكبر اتساعا وعلوا، والحسن والبهاء في الجمال.
إنهم سيعترفون على الفور وبالفطرة بأن ذلك كله لله وحده، ولا جواب سواه.
فقل لهم حينئذ: إذا كنتم تعترفون بذلك، أفلا تخافون عقاب الله، وتحذرون عذابه في عبادتكم معه غيره، وإشراككم به سواه؟! وهذه الآية تدل على أن المشركين يعترفون لله بالربوبية، وأنه واحد فيها، ويشركون معه غيره في الألوهية، حتى عبدوا معه غيره مما لا نفع له ولا ضر.
وبما أن العالم العلوي والسفلي لله تعالى، فهو مدبر شؤونهما، فقل لهم أيها الرسول الكريم: من بيده الملك والتصريف والتدبير لشؤون الكون سمائه وأرضه، وبيده ملك كل شيء، وهو سبحانه يحمي ويجير، ويغيث ويمنع الآخرين، ولا يجار ولا يمنع منه، لأنه صاحب السلطان الأعظم، والمهيمن الأكبر، والسيد المطلق في الأكوان.
وكلمة مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ الملكوت: مصدر في بنائه مبالغة كالجبروت والرهبوت.
والمراد من قوله تعالى: وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ أنه تبارك وتعالى إذا منع أحدا فلا يقدر عليه، وإذا أراد أحدا فلا مانع له، وكذلك في سائر قدرته، وما نفذ