والألوان، واللغات والصفات، ثم يوم القيامة يجمعكم جميعا بعد التوزع والتشتت لميقات يوم معلوم، فلا يترك صغيرا ولا كبيرا إلا أعاده كما بدأه، وله سبحانه الحكم وحده، لا راد لفعله، ولا معقب لحكمه. وقوله تعالى: وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي إلى حكمه وقضائه، وهذه آية البعث.
ومن الأدلة على قدرة الله سبحانه: أنه هو الذي يحيي الإنسان والحيوان والنبات بعد العدم، ويميت الكائنات الحية بعد الحياة، وهذا أمر ملموس مشاهد، فيكون ذلك دليلا قاطعا واضحا على إحياء الناس من القبور، والانتقال إلى دار الثواب، بالإعادة أحياء مرة أخرى للجزاء، كما أحياهم بعد الإماتة للعمل والاختبار.
ومن الأدلة على القدرة الإلهية أن الله يجعل اختلافا بين الليل والنهار، والاختلاف هنا: التعاقب والكون خلفه، وذلك بنظام دقيق وزمان محدد. أفلا تتفكرون أيها الناس في هذه الأشياء، وتدركون حقيقة قدرة الله ووحدانيته.
ولكن الواقع خلاف ذلك: بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (81) أي ليس لكفار مكة وأمثالهم نظر في هذه الآيات، وقالوا كمن تقدمهم من الأولين كعاد وثمود، فأنكروا البعث واستبعدوه، وقالوا: هل إذا متنا، وصرنا ترابا وعظاما بالية، نعود إلى البعث والحياة؟! لقد وعدنا بالبعث، كما وعد أسلافنا من الآباء والأجداد مثل هذا الوعد في الزمان الغابر، على لسان الأنبياء السابقين، ولم يتحقق هذا الوعد مع طول العهد، فما يكون هذا الوعد بالبعث إلا أكاذيب وأباطيل المتقدمين، لقد توارثناها تقليدا وعادة، دون وعي للحقيقة، ولا دليل يثبت صحتها، وهذا بحسب زعمهم، وكأن هذا لغباوتهم يحدث في دار الدنيا، أي أن الإعادة سريعة وقائمة في حال الحياة التي يحيونها دون انتظار أجيال أخرى.