فصعد على جبل أبي قبيس ونادى: أيها الناس، إن الله قد أمركم بحج هذا البيت فحجّوا.
وجاء قوله تعالى: يَأْتِينَ بالتأنيث، عودا إلى معنى كُلِّ ضامِرٍ وفعل غير العقلاء كفعل المؤنث، لكنه يتضمن معنى الجماعات أو الرفاق.
ثم أوضح الله تعالى حكمة الحج بقوله: لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ أي أدعهم إلى الحج ليحضروا منافع لهم، دينية بالظفر برضوان الله والجنة، ودنيوية بتحقيق منافع البدن والذبائح والتجارات، وتعارف المسلمين، وليذكروا اسم الله، أي يحمدوه ويشكروه، ويثنون عليه بالتكبير والتسبيح، على ما رزقهم من بهيمة الأنعام (وهي الإبل والبقر والغنم) وذلك في أيام معلومات هي أيام النحر الأربعة، أو عشر ذي الحجة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأيام المعلومات: هي أيام العشر ويوم النحر وأيام التشريق.
واذكر اسم الله على الذبائح، وكلوا من لحومها، وأطعموا البائس الذي أصابه بؤس، أي شدة، والفقير المحتاج، أي يباح الأكل من الذبائح، لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من نسائكهم. واستحب أهل العلم للرجل أن يأكل من هديه أو ضحيته، مع التصدّق بأكثرها. مع تجويزهم الصدقة بالكل، وأكل الكل. والبائس:
الذي قد مسّه ضرّ الفاقة وبؤسها، والمراد في هذه الآية: أهل الحاجة.
ثم أمر الله تعالى بالنظافة وإيفاء النذر والطواف حول الكعبة، فهذه واجبات ثلاثة:
هي إزالة الأوساخ العالقة بالأجساد، بقص الأظفار، وحلق الأشعار ونحوه من الأغسال، وإيفاء النذور التي نذورها تقربا إلى الله تعالى من أعمال البر، والطواف حول البيت الحرام وهو طواف الإفاضة أو طواف الزيارة (الركن) وقيل: طواف الوداع، والبيت العتيق: القديم، فهو أقدم بيت للعبادة، وأول بيت وضع للناس.