الشيطان أن يأكل من شجرة الخلد، فأكل منها هو وزوجه، وعصى أمر الله ووحيه، وغوى وحاد عن طريق الرشد والهداية، قال الله تعالى مبينا هذه الأحوال:
وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى (116) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (119)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (120) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (121)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» [طه: 20/ 115- 121] .
يقسم الله تعالى في هذه الآيات بأنه قد عهد إلى آدم، أي وصّاه بألا يأكل من الشجرة في الجنة (شجرة معينة) فنسي ما عهد الله به إليه، وترك العمل بمقتضى العهد الإلهي، فأكل من تلك الشجرة، ولم يكن عنده قبل الأكل عزم وتصميم على ذلك، فإنه على العكس قد صمم على ترك الأكل، ثم فتر عزمه، وعند ما وسوس إليه إبليس بالأكل، فلم يصبر عن أكل الشجرة.
والمراد بعهد الله: أمره أو نهيه، ويراد به هنا ألا يأكل من الشجرة ولا يقربها، ولكنه النسيان الذي هو من شأن البشر قد يكون سببا للمعصية، والتذكر وقوة العزم سبب الخير والرشد، كما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف: 7/ 201] .
وعلى الرغم من نسيان آدم أمر ربه، ذكّر الله نبيه وطالبه أن يقص الخبر على قومه، وهو أنه تعالى أمر الملائكة كلهم بالسجود سجود انحناء وتحية، لا سجود