وجل، إلى أن أرجع إليكم من جبل الطور، والمراد: هل طال العهد عليكم، فنسيتم أو أردتم المعصية فأخلفتم؟! أجابوه قائلين: ما أخلفنا عهدك ووعدك، باختيارنا وإرادتنا، بل كنا مضطرين إلى الخطأ، وذلك أننا حمّلنا أثقالا من زينة القوم، أي الأقباط المصريين، حين خرجنا من مصر معك، وأوهمناهم أننا نجتمع في عيد لنا أو وليمة، وسميت الحلي أوزارا، أي آثاما، لأنه لا يحل لهم أخذها.
فأخرج السامري لبني إسرائيل من الحلي الذهب الملقى في النار جسد عجل، لا روح ولا حياة فيه، له خوار العجول، بتصنيعه بطريقة فنية، حيث عمل فيه خروقا، وألقى فيه رملا من أثر جبريل الأمين، فكان إذا دخلت الريح في جوفه خار، والخوار: صوت البقر.
فقال السامري ومن فتن به لبني إسرائيل: هذا هو إلهكم وإله موسى، فاعبدوه، ولكن موسى نسي أن يخبركم أن هذا إلهكم، أفلا يعتبرون ويتفكرون في أن هذا العجل لا يجيبهم إذا سألوه، ولا يكلمهم إذا كلموه، ولا يقدر أن يدفع عنهم ضررا، أو يجلب لهم نفعا، فكيف يتوهم أنه إله؟!
اشتد غضب موسى عليه السلام على اتخاذ قومه العجل إلها من دون الله، فعاد بعد مكالمة ربه وتلقيه الألواح إلى قومه، فوبخهم واستهجن فعلهم، وعاتب أخاه هارون على سكوته على بني إسرائيل في عبادتهم العجل، وهدد موسى السامري بعقاب الله في الدنيا والآخرة، ونبذه من القوم، وألقى موسى عليه السلام العجل في البحر، وأعلن أن الله وحده هو الإله الحق، الذي وسع علمه السماوات والأرض،