عن نواياهما في المستقبل بطرد السكان الأصليين من أرضهم مصر، والاستيلاء على جميع المناصب والرياسات. وأضاف السحرة قائلين: يجب علينا الوقوف صفا واحدا أمام هذا الخطر، فاعزموا على تقديم أعلى الخبرات وجميع المهارات، ولا تتركوا أقصى ما تستطيعون عليه من الكيد والحيلة، وقفوا مصطفين صفا واحدا، وألقوا ما لديكم دفعة واحدة، لتبهروا الأبصار، وتعظم هيبتكم، وتغلبوا هذين الرجلين، فإنه فاز اليوم بالمطلوب من غلب منا ومنهما.
وهذا كله من قول السحرة بعضهم لبعض، بقصد التحريض وشدّ العزائم، لبذل أقصى الجهود للفوز بالمطلوب. وتداعوا إلى هذا لأنه أهيب وأظهر لهم، و (أفلح) ظفر ببغيته، و (استعلى) : طلب العلو في أمره، وسعى سعيه.
لقد انهارت كل مساعي الكيد من فرعون وسحرته، وأصيبت بالإحباط وخيبة الأمل، أمام معجزة النبوة معجزة موسى: وهي إلقاء العصا، وانقلابها حية، ثم أكلت جميع الحبال والعصي والأسلاك التي ألقاها السحرة، لأن قدرة الله فوق كل قدرة، وتدبيره فوق كل تدبير، ولأن المعجزة أمر خارق للعادة، فوق الأحداث العادية، لا بتدبير وصنع بشر، وإنما يجريها الله استثناء من قانون العادات، على يد النبي المبعوث بدعوة واضحة لهداية الناس إلى التوحيد والحق والعدل.
لقد كانت المبارزة والمعارضة بين موسى عليه السلام وسحرة مصر أشهر وأعظم مبارزة في التاريخ القديم، فإنها كانت بين طرفين غير متكافئين: موسى وأخوه هارون في جانب، وسحرة مصر وجمعهم الغفير في جانب آخر، وبدأت المبارزة في ظاهرها ودّية هادئة خيّر السحرة فيها موسى ببدء الإلقاء أو تأخره، فوافق موسى على أن يبدأ