إن يوم المبارزة بين موسى عليه السلام والسحرة يوم حاسم في تاريخ الأنبياء وتاريخ الإنسانية، فقد سلطت الأضواء على هذا اليوم، وانتظر فرعون وملؤه الأشراف أن تنتهي محاولات موسى ودعوته إلى ربه، ويتفوق السحر على المعجزة، حيث جمع فرعون أساطين السحرة، ولكن الله غالب على أمره، فانقلبت المعايير والحسابات والاحتمالات، وظهر أمر الله والحق، وخسر هناك المبطلون.
كان اغترار فرعون بسلطانه وملكه شديدا، وظن أن كل شيء يكون بتفوق المال والثروة والسلطة، وأنه سيقضي على موسى ودعوته في مهدها، بعمل جماهيري سريع، وتفوق علمي باهر، وأن سحر السحرة سيبطل مساعي موسى، ويظل له المجد والتفوق والسلطان، فبذل أقصى جهده لجمع أمهر السحرة من بلاد مصر، وردّد السحرة ما يقول فرعون: ما هذان الرجلان: موسى وهارون إلا ساحران يريدان إخراج المصريين من بلادهم، فلا بد من إحكام الخطة، والتفنن في الإتيان بأشد ألوان المكر والكيد، وصف القرآن الكريم هذه المحاولة الخائبة من فرعون في جمع السحرة، فقال الله تعالى:
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (60) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (61) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (62) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (64)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [طه: 20/ 60- 64] .