بأن أكثر فواصل الآيات (أواخرها) جاءت بالألف المقصورة، وأحيانا بالياء المنقوصة، وهذا من سمو البلاغة، وللتأثير القوي على النفوس.
وسبب نزول هذه الآية: إنما هو ما كان عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يتحمله من مشقة الصلاة، حتى كانت قدماه تتورمان، وتحتاجان إلى الترويح، فقيل له: طأ الأرض، أي لا تتعب حتى لا تحتاج إلى الترويح (أي الوقوف على قدم وإراحة الثانية من التعب) .
يا طه، لم ننزل القرآن عليك لتتعب نفسك بسبب تأسّفك عليهم وعلى كفرهم، فإن إيمانهم ليس إليك، بل أنزلناه لتبلّغ وتذكّر، فحسبك التبليغ والتذكير، ولا تلتفت بعدئذ لإعراض المعاندين، ولا ترهق نفسك وتتعبها بحملهم على قبول دعوتك.
وما أنزلناه إلا تذكرة لتذكّر به من يخاف عذاب الله، وينتفع بما سمع من كتاب الله الذي جعلناه رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة، وليس عليك جبرهم على الإيمان، كما جاء في آية أخرى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى: 42/ 48] ، وآية لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) [الغاشية: 88/ 22] .
وفي هذا إيناس للنبي صلّى الله عليه وسلّم على إعراض قومه عن دعوته، وضيق نفسه على تصميمهم على الكفر.
وهذا القرآن المنزل عليك يا محمد: إنما هو تنزيل من خالق الأرض والسموات العلى، والمراد جهة السفل والعلو، الأرض بانخفاضها وكثافتها، والسماوات في ارتفاعها ولطافتها. والمراد بالآية: إخبار العباد عن كمال عظمة منزل القرآن، ليقدروا القرآن حق قدره.
ومنزل القرآن: هو الرحمن المنعم بجلائل النعم ودقائقها، وهو الذي استوى على العرش، وهو استواء نؤمن به من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، ولا تحريف ولا تأويل، وبلا كيف ولا انحصار.