الرزق، لأمسكوا عن النفقة، بسبب فقرهم وعجزهم، ولما أعطوا أحدا شيئا بسبب خوفهم من النقص وعدم المال.
والمراد بقوله تعالى: خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي أي خزائن المال والنعم التي تصرف في الأرزاق، والإنفاق المعروف: هو إذهاب المال، وهو مؤد إلى الفقر، فكأن المعنى:
تبخلون خشية عاقبة الإنفاق، وكان طبع الإنسان ومنتهى نظره أن الأشياء تتناهى وتفنى، فلو ملك خزائن رحمة الله لأمسك خشية الفقر.
كان الحجاج عنيفا والصراع قويا على أشده، بين موسى عليه السلام وفرعون ملك مصر، وخليفة هذه الصراع واضحة: هي أن فرعون أراد الحفاظ على ملكه وسلطانه ونفوذه في مصر، وخشي أن ينافسه موسى عليه السلام السلطة، ويحدّ من هيمنته، وتسلّطه على المصريين، وكان لا بد لموسى من إثبات صدقه في ادعاء النبوة، فآتاه الله تسع آيات مشهورة، وآيات أخرى بلغ مجموعها أكثر من أربع وعشرين، وخص الله تسعا منها بالذكر، ووصفها بالبيان ولم يعينها، وهي الخمس المذكورة في سورة الأعراف، وهي: الطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، والأربع الأخرى كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي السنون (القحط) في بواديهم، ونقص الثمرات في قراهم، واليد، والعصا. قال الله تعالى مبينا تأييد رسوله موسى بهذه الآيات التسع:
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (101) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (103) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (104)